Wednesday, December 21, 2011

تركيز ... الآن


الكدمة موجودة أعلى رأسي ، و اعلى رأس الجميع . الجميع الآن يميل على رأسي يلامس كدمته بكدمتي و يحدثني عما حدث في الأيام القليلة الماضية. و أنا أستمع ، و أعلم أن الجميع مضى عليهم وقت طويل الآن دون أن يلاحظوا أنهم قد نسوا تماماً ما كانوا يفكرون به قبل أن يسقط شيء من السماء على رؤوسهم. و الآن أصبحوا كما أراهم كل يوم

و أنا أقاوم ما تفعله بي الكدمة. و ألهث وراء كل فكرة مألوفة قادمة من الماضي و أفكر بها كثيراً. و أستعيد بذاكرتي ما كنتُ أفعله قبل يسقط شيء من السماء على رأسي. و أحاول أن أتحدث عن كل الأشياء الأخرى التي لا تتعلق به على الإطلاق. لكنني أجد أن الأمر قد أصبح لا إرادياً دون أن أدرى. و زَحَفَت الكدمة إلى أحلامي ، و إلى مزاحي ، و إلى مراسلاتي في العمل ، و إلى طاولة العشاء الهادئة التي يعدها لي الرجل الذي أحب كل ليلة

أنا أقاوم الكدمة ، و ما فعلته بالجميع ...

أحاول أن أركِّز الآن لأكتب عما تهديه لي سنوات العمر الأخضر القصير التي مضت ، و أعلنه مختزلاً و نقياً أمام الجميع . تماماً كما تقشر الأمهات حبات البرتقال لصغارهن و يرمين القشر و لا يعاودن النظر للوراء . لأنني إن بقيتُ هكذا سأشرد عن الحياة و سيتحول حادث الكدمة هذا إلى الحياة نفسها التي أستند إليها . كما أرى أنه أصبح حياة كل من لم تكن له حياة قبله . و لأنني لا أعلم في الحقيقة لماذا توقف الجميع عن الحديث عن أنفسهم و لا يشعرون بأنفسهم و هم يعيدون ما سمعوه في التلفاز في الليالي الماضية

أحتاج لأن أركِّز ...
فيم كنتُ أفكِّر بالتحديد قبل تسقط آلاف أجهزة التلفزيون على رؤوس الجميع؟
كنتُ ذاهبة إلى شارع صلاح الدين لتصليح سيارتي . و تركتها لدى الرجل الأسمر ذو الصلعة المتعرِّقة الذي أخبرني أن سيارتي هي من أكثر السيارات الشائع استخدامها في الهند. و كان يومها عطلة أسبوعية ، لكنني ذهبتُ إلى مكان عملي لألقي نظرة ، و علمتُ بوفاة أخو العامل الذي كان يعمل هناك يومها ، لكنه تابع عمله رغم ذلك ، وسط كل مكالمات التعزية التي كانت تصله على هاتفه المحمول الذي كانت رنته أغنية لعمرو دياب
كان الجو غائماً. و كان عليَّ أن أذهب لمصفف الشعر قبل أن تبدأ في الإمطار. لكن عليَّ الانتظار حتى يتم تصليح السيارة. خرجتُ من مكان عملي ، متوجهة إلى مكان تصليح السيارة. أعلِّق على صدري جهاز الـ
mp3
الوردي الرائع الذي كنتُ أحبه كثيراً لأن إضاءته كانت تخرج من شاشة لا أرى حدودها - فتبدو الحروف و كأنها تطفو على سطح البلاستيك. أضع السماعات الوردية في أذني على أعلى درجة للصوت. و السماعات الوردية أحبها كثيراً أيضاً ، لأنني اشتريتها و أنا أشتري هدية عيد ميلاد صديق أختي الذي سيكون غذاً حفل خطوبتهما

الآن ... عليَّ أن أركِّز
الموسيقى عالية جداً في أذني . محلات موبايلات على يميني و أصحاب المحلات و العاملين فيها يقفون بانتباه على أبوابها. مدرسة مغلقة على يساري عادة ما يقف أمامها عربة حرنكش لكنه اليوم أجازته فيما يبدو. ثمة قلق في الشارع . الجميع منتبهون

نظرتُ و ابتعدتُ بنظري للأمام ... رأيتُ أعداداً تجري. ولا يجرون معاً . كلٌ ينجو بنفسه ، لكنهم معاً في كتلة واحدة. أركز ... هذه كانت آخر مرة رأيتُ فيها العالم دون كدمات أعلى رؤوس الناس. لأنه وراء هؤلاء الذين يجرون ، كان هناك آخرون يطاردوهنم. و كل منهم لا يملك رأساً كالتي نعرفها. بل يحمل كل منهم مكان رأسه جهاز تلفزيون صغير. و يجرون بكسل شديد

ذلك كان اليوم الذي سقطت فيه أجهزة تلفزيون من السماء على رؤوس الجميع. أحاول أن أتذكر ما هي آخر فكرة كانت في رأسي قبل أن يسقط تلفزيون عليها ؟

ما هو إسم الأغنية التي كانت في أذني ؟

----
* الصورة : جرافيتي لـ "بانكسي"

Thursday, December 8, 2011

منذ أن سقط شيء من السماء على رؤوس الجميع


كأنني كنت مسافرة و عدتُ لم أجد أحد. بل الأسوأ من ذلك أنني عدتُ وجدتُ الجميع تغيَّروا .

أدون هنا لأنني أجد لذة ما في إطلاع من لا يعرفون شيئاً عني على القليل مما يمر بذهني من وقت لآخر. بالأخص هؤلاء الذين لا أعرفهم إطلاقاً. كأنني أجلس في القطار بجوار أحد هؤلاء الرجال الوسيمون الهادئون الذين لا أعثر عليهم أبداً. و نتجاذب أطراف الحديث اللطيف. ثم يذهب كل في طريقه .

و أجد الحرية في ذلك ، و أتمنى أن أظل محافظة على تلك المسافات الواضحة بين كل ما يحدث لي ، و بين ما أريد أن أبوح به بالتحديد ... مستبعدة كل ما أراه ملكي . المهم أن أظل ممسكة ببساطة الأحداث التي من الممكن اأن تحدث لأي منهم. و أظل هكذا أتحدث في نفس الموضوعات التي أحب و أجيد الحديث فيها ...

أما الآن ، فكأنني كنتُ مسافرة و عدتُ وجدتُ الجميع قد تغيروا .

أرى أن الجميع فقدوا قدرة ما على الحديث كما أعرفه أنا. بالتحديد بعد أن سقط شيء من السماء فوق رؤوسهم. فمنذها و قد فقدوا قدرتهم على الحديث عن أي شيء سوى ما حدث ، أو أي شيء له علاقة به. لم يعد أحد يفكر في أي شيء آخر. لم يعد أحد يشعر بأي شيء آخر غير تلك الكدمة أعلى رأسه.

أملك نفس الكدمة ، لكنني أشعر و كأنني لم أكن موجودة. لكنني بدلاً من أن يصيبني فيض الحديث الذي أصاب الجميع ، أصابني الخرس ...


Monday, December 5, 2011

لم أقدر على هذا


منح الآخرين فرصة أخرى لا يعني تحسين الأمور . و لا يعني بالضرورة إهدار للوقت.

لكنني أردتُ فقط منح نفسي فرصة كي أعتاد على الكثير من الأوضاع الجديدة . تدريجياً. تعلمتُ أنني لا أحب أن أصدم رأسي بالحوائط . حتى و إن بدا هذا هو الحل الأنسب .

و الحقيقة هي أنني لم أستطع ...

و أجد أنني قد بدأتُ في مصارحة نفسي بالكثير من الأشياء التي كنتُ أصارعها في نفسي فيما مضى. كعدم القدرة على إتخاذ قراراً واضحاً فيه اختياراً بين شيئين ، و باختيار أحدهم يزول الآخر. لا أقدر على هذا ... و أمام هذا الخوف ، أجد نفسي أتاجر بالوقت ، و أعطي القدر كل ما قد يحتاجه منه . حتى يُظهر لي ما قد يظهره ، و يختار هو نيابة عني .

أجل ...
لا قيمة للوقت عندي ، أمام إتخاذ قرارات حاسمة أجبن أمام تسويتها لمرة واحدة ... و للأبد