Wednesday, February 13, 2013

صعبة المـِراس



قالت لي أنها تسير في الحياة الآن معصوبة العينين لكنها ترى الظلام في عينها مقسماً إلى مساحات مظللة ... تماماً كذلك الظلام الذي تراه في عينك عندما تطفيء نور غرفتك بعد أن ترمق الطريق الذي ستسلكه في الظلام نحو السرير .  قالت أنها ترى أين ستضع قدمها و أن كل هذه  الإضاءة تسبب لها المزيد من تشتت الانتباه

"أسير الآن في اتجاه ما لطالما حلمتُ به" ، قالت ، "و أخشى على نفسي من الإحباط " ... و تحيط نفسها طوال الوقت بالأشياء التي تضمن أنها لن تخذلها


"تعلمين أنني أحب الاستماع إلى الأغنيات الفرنسية و أنا لا أفهمها لأنني أحب أن أتخيل ما تعنيه الكلمات ، و أسرح بخيالي ورائها و أجدها ملائمة تماماً لما أتمنى أن تقوله اغنية . و أجد في الأغنيات الفرنسية الكثير من الإرضاء . لذلك لا أحاول كثيراً أن أفهم ما تقوله. لكن أتعلمين ما هو الشيء الوحيد الأكثر إرضاءً لي من ذلك ؟" سألـَت 

ثم أكملـَت : "أن أعرف ما تقوله ، و أجد الأغنيات تقول ما هو أجمل مما كنتُ أتخيله"
 
فردتُ وجهي في ابتسامة واسعة. جلبت هذه الفكرة النور إلى قلبي. أسعد بتلك الأفكار التي تصدر منها من حين لآخر . سعدتُ بتحسن أحوالها ... فقد قالت أنها في يوم من الأيام لاحظت فجأة أنها كانت تنام بدون بكرة مناديل بجوار وسادتها ... و كانت نقطة تحوُّل من وجهة نظري . و اطمئن قلبي عليها - على الأقل تنام دون أن تبكي .

لكنني لم أُثـَبـِّت توقعاتي على أن تظل في حالة التحسن هذه ... فأنا أرى الرجل التي تحبه يتربص بها و يحوم حولها ، حتى بعد أن انتهى أمرهما معاً . أرى أنه ، إن حدث و أصابت عقله بعض الحكمة ، سينجح في جذبها من جديد . و سيبدو الأمر و كأنه أفضل ما يمكن أن يحدث .

... بينما هي تقول أن أفضل ما في العودة إلى قصة حب سابقة ، هو ثقتـِك في أن هذا الرجل سينجح ... الآن أم لاحقاً ... في أن يخذلك بنفس الطرق القديمة

 و تلك الفكرة في حد ذاتها تسبب الاطمئنان - تماماً كأن تغلق عينك و أنت تعلم من أي ناحية ستأتيك اللكمة. هكذا قالت بعد أن عادت له عدة مرات

أظن  أنها ستتمكن من تجنب الكثير من مشكلات حياتها فقط إن توقفت عن أن تتوقع كل هذه التوقعات من الآخرين و من الحياة . و إن توقفت عن وضع سيناريوهات للأشياء التي قد تحدث ، و أنها إن حدثت فعليها أن تحدث بطريقة محددة تم الاستعداد لها مسبقاً

أظن أنها يمكنها أن تكون أسعد ، إن هدأت قليلاً

فقالت بضيق  : 

"أنا صعبة المِراس ! ماذا يمكنني أن أقول ؟!"


***
 
اقتحمتُ شيئاً جديداً و تعلمته الليلة ؛ و هو أنني أكتبُ جيداً عن نفسي باستخدام ضمير الغائب ... يمنحني هذا الضمير درعاً أمام كل كلماتي اللاذعة ، و كل ما لا أحب أن أسمعه عن نفسي

و رغم أنني أعلم أنني كنتُ اتحدث عن نفسي ، لكن ضمير الغائب يضع احتمالاً أمامي أن كل هذه الكلمات قد لا تكون تقصدني أنا بالضرورة ، و أنها قد تنطبق جيداً على شخص آخر أيضاً .

الأمر أشبه بتلك المرات التي تطفيء فيها النور بعد الانتهاء من الاستعداد لسهرة عليك التأنـُّق من أجلها ... و بعد أن تطفئ النور ، تقف لحظة في الظلام ثم تضيء النور مرة أخرى ، و كأنك تطمئن أن شكلك لم يتغير . و أنك أنت كما أنت . لكنك فقط تخشى أن تفقد نفسك في الظلام و تصبح شخصاً آخر لا يشبهك