Monday, January 16, 2012

بدون ارتباك



ومازلتُ أقاوم ما تفعله بي الكدمة. و ألهث وراء كل فكرة مألوفة قادمة من الماضي .

***

غالباً ما أبدأ كل ما أكتبه بهذه الكلمة . و أشعر أن الكلمة تحبني ، و تنوي البقاء معي لوقت طويل . أنا أيضاً أحبها في قدرتها على مفاجأتي طوال الوقت .

اكتشفتُ أنني كنتُ أقوى في الماضي ، و كلما تتقدم بي السنوات أصير أكثر رهافة. يعجبني هذا . يعجبني جداً . و يضيف طعم ما على ما أفعله الآن بصعوبة بالغة ، بينما كنتُ أفعله و أنا طفلة بنفس السلاسة التي كنتُ أصنع بها بلونات اللبان الكبيرة

في الرابعة و العشرين عدتُ مرة أخرى للدراسة. دراسة شيءٍ أحبه. و لم أفكِّر يوماً أنني سأعود لدراسة أي شيء بعد انتهائي من الجامعة. و لم أتصوَّر أنني سأجد شيئاً أحبه ما فيه الكفاية كي يعيدني للدراسة. لكنني أرى أن الدراسة ، أو بالأحرى التعلُّم ، يحقق اتزاناً ما ، و يُسكِن هدوءً في العقل - يرتِّب الأشياء ، و يضع كلاً في مكانه

أعود بذاكرتي للوراء ، إلى الأوقات التي كانت المذاكرة فيها سبباً في أن أكُن ميَّالة لأبي أكثر من أمي ... من فرط الإكراه على المذاكرة الذي فعلته أمي باقتدار. و توقفت أمي عن دفعي في الصف الثالث الثانوي ... منذ سبع سنوات. منذ سبع سنوات فقط بدأتُ أفعلها بمفردي. و لم نكن ، أنا و أمي ، واعيتين لذلك وقتها ، لكن تغيَّرت أشياءً كثيرة بيني و بينها. بينما ظل كل شيءٍ في مكانه مع أبي

كنتُ أدبدب على الأرض ، و أقطع وعوداً و أقساماً مع نفسي على أنني بعد انتهائي من الجامعة لن أنظر للوراء. مهما حدث ... لن يعيدني شيئاً للدراسة و المذاكرة - الأمر يدعو للابتسام الآن

من قبل كنتُ أعلم مشكلاتي ، و هو ما كان يجعلني أجلس واثقة أمام أوراق الامتحانات أن المسألة كلها مسألة وقت ؛ على الوقت أن يكفينِ. لأنني إن كتبتُ بسرعة يدي العادية/السريعة ، لن يصبح خطي واضحاً بالمرة. كان ذلك هو مَبعَث القلق الوحيد

أما الآن ... و أنا في الرابعة و العشرين كنتُ أرتجف من الداخل لحظة وضع الورقة أمامي. أجزُّ على أسناني ، و أضمُّ ركبتيَّ على بعضهما ، و أقبض أصابع قدمي على بعضهم داخل حذائي. يمكن لأي حركة أن تشتت انتباهي. عليَّ أن أظلُّ ثابتة دون حركة. قابضة بإحكام على القلم في يدي

مستعدة في عقلي على أن أتجاهل أي شخص يصدر أي صوت أو يتحرك أي حركة ... أو يسقط منه أي شيء على الأرض. و كأنني أعلم أن كل هذه اختبارات حقيقية لقوة تركيزي

لم أكن هكذا من قبل ... الأمر أشبه بشيءٍ ينمو داخلك دون أن تدرى ، و يفاجئك و يظهر في وقته المناسب - كأن تكتشف فجأة أنك أفضل في الركوب العجل عما تتذكَّر

يعجبى هذا . و يجعلني أنظر لنفسي و أنا طفلة نظرة أخرى ، بها احترام ما ... لهذه الطفلة ، متوسطة القدرات ، التي كانت تعلم بالتحديد مشكلاتها أمام الامتحانات . و تجلس أمامها دون ارتباك

----
فوتوغرافيا : محمد درويش
https://www.facebook.com/pages/Mohamed-Darwish-Photography/314962041862672?ref=ts