Tuesday, June 26, 2012

الــتــَعــَجـُّـل


  "... و سيأتي العالم كله سيراً حتى باب بيتك"
رالف والدو إيمرسون
...

أنا أحب الجري ... و أقدر على قضاء أكثر من ساعة في الجري. الأمر يتعلق بمدى انشغال عقلي وقتها بأي شيء آخر غير الوقت و غير الطريق . و استغرب قليلاً عندما يبادرني الآخرين بالتعجب من المسافات التي أجريها ، و الوقت الطويل الذي أقضيه جرياً متواصلاً . أرى في الجري وقتاً هادئاً. و رغم طبيعة المشهد ، إلا إنني أقول أن أجمل ما في الجري ... عدم التعجـُّـل
 
أنا أتغيَّر ... 

دائماً الخطوة السريعة ، و المكالمات المختزلة ، و السلام و الحديث السريع المقتضب كانوا من صفاتي . لا أعلم سبب  أو مصدر اكتسبتُ منه هذه الصفات ، و كانت تعليقات الآخرين تأتيني امتعاضاً و إعجاباً. لكنني كنتُ أرى ذلك من تلقاء نفسي على أي حال ، و أجد فيه الراحة - أن أُسرِع  نحو نقطة ما ، و عندما أصل ، أُسرِع  في اتجاه نقطة أخرى أمشي أو أتحدث عنها ... أرتاح في الحديث السريع و الحركة السريعة

أرى الآن أنني كنتُ أحاول إكساب الأشياء أهمية أكبر من أهميتها الحقيقية ... و داخل عقلي ، مدى أهمية الأشياء بدأ في التشوُّش . قريباً فقط بدأ ينمو شيئاً في عقلي ، يجعلني أتوقف لحظات عن التفكير في كل شيء ، و يواجهني بالزمن الحقيقي المتوفر أمامي ، و بالحجم الحقيقي للأشياء التي أتحدث عنها . و بعدها بثوانِ ، أجدني أمهل من المشي ، و احتواء مزيد من الهواء ، أو الابتسام أكثر في وجه من أتحدث معه ، و النظر أكثر لوجهه

أنا متعجِّلة طوال الوقت الآن - تداهمني الدقائق ذهاباً للعمل ، أو للجامعة ، أو للرجل الذي أحب

و أنا أعتبر نفسي محظوظة بعملي ، و أجد نفسي من القليلات اللاتي يعملن شيئاً يحببنه ، و يستمتعن به كل يوم . و أنا أطير سعادةً بدراستي في الجامعة بكامل اختياري ... و أتعلَّم في كل مرة أشياءً علمت عقلي التواضع أمام كل ما لا أعرف عنه .و أنا أحب الرجل الذي أحب ... و أرى فيه الرجل الذي يستحق كل الطاقة الموجهة مني في اتجاهه . و أراه يعيدها بكرم في اتجاهي مرة أخرى مضاعفة و محمولة على الرأس

 لكن التعجل وراء الأشياء كاد يشتتني و يخطف مني الاستمتاع الحقيقي بكل ما أملكه . كدتُ أفقد اللون الحقيقي للأشياء ... و فجأة ألتفتُ لبراح الوقت المنتظر أمامي لفعل كل شيء ، و أنني يمكنني بهدوء أن أفعل كل شيء . دون السير بسرعة ، أو الحديث المباشر المقتضب
 
لم أعد أحب التعجـُّل ، و لم أعد أحاول إكساب أي شيء أفعله أهمية أكبر من حقيقته . و أرى أن التمهل أثناء الحديث أو السير نحو ما هو مهم ... يحببني فيه أكثر

أتمهل في السير ، و أنظر حولي في كل مكان كأنني أرى الأشياء لأول مرة ... و أرى أن الطريق يتحرَّك تحت قدمي بسلاسة و يقرَّب مني كل ما أحب
 

4 comments:

  1. ـ النص جيد يا سارة ، فقط اسمحى لى أن أشير إلى وجود خطأ لغوى فى الآتى :-
    " و أنا أعتبر نفسي محظوظة بعملي ، و أجد نفسي من القليلات اللاتي يعملن شيئاً يحبونه ( يحببنه ) ، و يستمتعون ( يستمتعن )به كل يوم" .
    أشكرك على اللحظات الممتعة التى عايشتها فى قراءة هذا النص ... وتمنياتى بالتوفيق ...
    هانى يوسف

    ReplyDelete
  2. حلوه قوى ياساره .. زفعلا انتى كل حياتك بسرعه ومش عارفه مستعجله ليه ؟؟ بس هى دى طبيعة الشباب دائما يتطلع الى الاحسن والاسرع والى الجديد .. فيعيشى شبابك وتعلمى من المرحله لانك عندما يمر بك العمر وتصلى الى السن الذى لايمكنك ان تسرعى فيه لانها طبيعة الاشياء وقتها يمكن ان تندمى على كل دقيقه فى حياتك مرت دون ان تنجزى فيها شيىء او تتعلمى منها تجربه وخبره ... ربنا يحميك يا ابنتى الحبيبه

    ReplyDelete
  3. طب ازاي كده؟
    ليه انتي بالذات بتفصليني وإحساس مدونتك (الحالية والسابقة) بالأزرق في كل منهما، بيخرجني بره الدنيا كده؟

    بلاش، ازاي بتختاري الصور حلو كده؟
    :)

    ReplyDelete
  4. لم أعد أحاول إكساب أي شيء أفعله أهمية أكبر من حقيقته

    catchy line

    النص متماسك ...مش "زايغ" منك

    ReplyDelete